/ ٤ - وفيه: عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - عليه السلام - بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ فِى صَلاتِهِمْ، فَيَخْتِمُ: بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا، ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: (سَلُوهُ لأىِّ شَىْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ) ؟ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - عليه السلام -: (أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ) . قال المؤلف: أمر الله تعالى نبيه بدعاء العباد إلى دينه وتوحيده ففعل ما ألزمه من ذلك، فبلغ ما أمره بتبليغه وأنزل عليه:(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ)[الذاريات: ٥٤] ، ووجه ذكر حديث قل هو الله أحد فى هذا الباب؛ لأنها سورة تشتمل على توحيد الله وصفاته الواجبة له وعلى نفى ما يستحيل عليه من أنه لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد وتضمنت ترجمة هذا الباب أن الله واحد وأنه ليس بجسم؛ لأن الجسم ليس بشىء واحد بل هو أشياء كثيرة مؤلفة، ففى نفس الترجمة الرد على الجهمية فى قولها أنه تعالى جسم. والدليل على استحالة كونه جسمًا أن الجسم موضوع فى اللغة للمؤلف المجتمع، وذلك محال عليه تعالى؛ لأنه لو كان كذلك لم ينفك من الأعراض المتعاقبة عليه الدالة بتعاقبها عليه على حدثها لفناء بعضها عند مجئ أضدادها، وما لم ينفك من المحدثات فمحدث مثلها، وقد قام الدليل على قدمه تعالى، فبطل كونه جسمًا.