للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للبيع، ويجبره على ذلك لما فيه من صلاح الناس، ولم ير ذلك مالك وقال: لا يجبر الناس على إخراج الطعام فى الغلاء. وفيه من الفقه أن للإمام أن يحبس الناس فى الغزو ويصبرهم على الجوع وعلى غير زاد، ويعللهم ما أمكن حتى يتم قصده ونصبه الضلعين إنما فعله اعتبارًا لخلق الله وتعجبًا لعظيم قدرته؛ ليخبر بذلك المخبر فيتذكر بذلك السامع. وقول عمر: (ما بقاؤكم بعد إبلكم) فيه من الفقه اعتراض الوزير رأى الأمير وإن لم يشاوره الأمير؛ لأن الخطة تعطيه ذلك، وقد جعل ذلك أبو بكر الصديق فى سلب قتادة. وفيه أن الظهر عليه مدار المسافر لاسيما بالحجاز الذى الراجل فيه هالك فى أغلب أحواله إن لم يأو إلى ظهر أو صاحب ظهر؛ ليحمل له بعض مؤنته؛ ألا ترى قول عمر: (ما بقاؤكم بعد إبلكم) يعنى: أن بقاءهم يسير؛ لغلبة الهلكة على الراجل. وهذا القول من عمر أصل نهى الرسول عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر استبقاء لظهورها ليحمل المسلمين عليها وتحمل أزوادهم، وفى قوله: (ما بقاؤكم بعد إبلكم) دليل على أن الأرض تقطع مسافتها وليست تطوى المسافات كما يدعى بعض البطالين أنه يحج من قاصية من قواصى الأرض فى ثلاثة أيام أو أربعة. وهذا منتقض من وجوه، وإنما قال النبى (صلى الله عليه وسلم) -: (إن الأرض تطوى بالليل) . أى أنها تقرب مسافاتها بتيسير المشى وقطع ما لا يرى منها، فإذا أصبح وعرف مكانه حمد سراه (عند الصباح يحمد القوم السرى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>