للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعو إليه من معاصى الله، واحتجوا بقوله (صلى الله عليه وسلم) : (اسمعوا، وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشى) وأمره بالصلاة وراء كل بر وفاجر، وروى أنه قال: أطعهم وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك ما أقاموا الصلاة) . قال القاضى أبو بكر: ومما يوجب خلع الإمام تطابق الجنون عليه وذهاب تمييزه حتى ييئس من صحته، وكذلك إن صم أو خرس وكبر وهرم، أو عرض له أمر يقطعه من مصالح الأمة؛ لأنه إنما نصب لذلك؛ فإذا عطل ذلك وجب خلعه، وكذلك إن جعل مأسورًا فى أيدى العدو إلى مدة يخاف معها الضرر الداخل على الأمة وييئس من خلاصه وجب الاستبدال به. فإن فك أسره وثاب عقله أو برئ من زمانته ومرضه لم يعد إلى أمره وكان رعية للأول؛ لأنه عقد له عند خلعه وخروجه من الحق فلا حق له فيه، ولا يوجب خلعه حدوث فضل فى غيره كما يقول أصحابنا: إن حدوث الفسق فى الإمام بعد العقد لا يوجب خلعه، ولو حدث عند ابتداء العقد لبطل العقد له ووجب العدول عنه. وأمثال هذا فى الشريعة كثير، منها أن المتيمم لو وجد الماء قبل دخوله فى الصلاة لوجب عليه الوضوء به، ولو طرأ عليه وهو فيها لم يلزمه، وكذلك لو وجبت عليه الرقبة فى الكفارة وهو موسر لم يجزئه غيرها، ولو حدث له اليسار بعد مضيه فى شىء من الصيام لم يبطل حكم صيامه ولا لزمه غيره. قال المهلب: وقوله فى حديث على: (لو دخلوها ما خرجوا منها أبدًا) فالأبد هاهنا يراد به أبد الدنيا؛ لقوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء: ٤٨] ، ومعلوم أن الذين هموا بدخول النار لم يكفروا بذلك فيجب عليهم التخليد أبد

<<  <  ج: ص:  >  >>