دماؤها، وأما لحومها والانتفاع بها قبل نحرها وبعده فغير ممنوع، بل هو مباح بخلاف سُنن الجاهلية. واختلف العلماء فى ركوب الهدى الواجب والتطوع، فذهب أهل الظاهر إلى أن ذلك جائز من غير ضرورة، وبه قال أحمد وإسحاق، وبعضهم أوجب ذلك، واحتجوا بحديث أبى هريرة وأنس، وكره مالك وأبو حنيفة والشافعى ركوبها من غير ضرورة، وكرهوا شرب لبن الناقة بَعْدَ رىِّ فصيلها، وقال أبو حنيفة والشافعى: إن نقصها الركوبُ والشربُ فعليه قيمة ذلك، واحتجوا أن ما خرج لله فغير جائز الرجوع فى شىء منه والانتفاع به إلا عند الضرورة. وقال الطحاوى: احتمل أن يكون النبى (صلى الله عليه وسلم) أمر بركوب البدنة لغير ضرورة، واحتمل أن يكون أمر بذلك لضرورة، فنظرنا فى ذلك فإذا نصر بن مرزوق، حدثنا عن ابن معبد، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن حميد، عن أنس (أن النبى عليه السلام رأى رجلا يسوق بدنة، وقد جهد، فقال: اركبها، فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، إنها بدنة، قال اركبها) . وروى ابن أبى شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن جريج، عن أبى الزبير، عن جابر فى ركوب البدن قال: سمعت النبى عليه السلام يقول: (اركبها بالمعروف إذا لم تجد ظهرًا) . فأباح عليه السلام ركوبها فى حال الضرورة، فثبت أن حكم الهدى أن يركب للضرورة. وقد روى عن ابن عمر ما يدل على هذا المعنى، روى هشيم عن الحجاج، عن نافع، عن ابن عمر (أنه كان يقال للرجل إذا ساق بدنة وأعيا: اركبها، وما أنتم بمستنين سنة هى أهدى من سنة محمد) .