قال الأعشى: تطوف العفاة بأبوابه كما تطوف النصارى ببيت الوثن يعنى بالعفاة: طلاب الحاجات. قال المهلب: وهذا الحديث يدل أن المدينة تُسكن إلى يوم القيامة وإن خلت فى بعض الأوقات، لقصد هذين الراعيين بغنمهما إلى المدينة، وهذا يكون قرب قيام الساعة، وأن آية قيام الساعة عند موت هذين الراعيين أحرى أن تصير غنمهما وحوشًا، فإن قيل: فما معنى قوله: (آخر من يحشر راعيان من مزينة) ولم يذكر حشرهما وإنما ذكر أنهما يخران على وجوهما أمواتًا؟ فالجواب: أنه لا يُحشر أحد إلا بعد الموت، فهما آخر من يموت بالمدينة وآخر من يحشر بعد ذلك كما قال عليه السلام. وقال صاحب (العين) : نعق بالغنم ينعق نعاقًا وإذا صاح بها. وأما قوله:(تفتح اليمن فيأتى قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم) يعنى: يحملون من المدينة إلى هذه البلاد المتفتحة لسعة العيش فيها، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. وفيه برهان جليل بصدق الرسول فى إخباره بما يكون قبل وقته، فأنجز الله لرسوله (صلى الله عليه وسلم) ما وعد به أمته فَفُتحت اليمن قبل الشام وفُتحت الشام قبل العراق وكمل ذلك كله. وقوله:(والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) يعنى: لفضل الصلاة فى مسجده، التى هى خير من ألف صلاة فيما سواه، ولما فى سكنى المدينة والصبر على لأوائها وشدتها، فهو خير لهم مما يصيبون من الدنيا فى غيرها، والمراد بالحديث: الخارجون عن المدينة رغبة