/ ٢٨١ - وفيه: سُفْيَانَ بْنِ أَبِى زُهَيْرٍ، سَمِعْتُ النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) يَقُولُ: (تُفْتَحُ الْيَمَنُ، فَيَأْتِى قَوْمٌ يُبِسُّونَ فَيَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِهِمْ، وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَتُفْتَحُ الشَّأْمُ، وَتُفْتَحُ الْعِرَاقُ كذلك) . قال المهلب: قوله: (تترك المدينة على خير ما كانت) يريد على أرخى أحوالها ووجود ثمارها وخيراتها فيأكلها الطير والسباع. قال غيره: وفى هذا برهان من النبى عليه السلام لأنه ذكر أهلُ الأخبار أنه قد رحل عن المدينة أكثر الناس فى الفتن التى تعاورتها، وخاف أهلها على أنفسهم، وكانت فى عهد الخلفاء أحسن ما كانت من البنيان والعمارة والغرس للنخيل والأشجار، فتركت للطير والسباع، وبقيت مدة على ذلك ثم عاد الناس إليها. وروى عن مالك فى هذا الحديث (لتتركن المدينة خير ما كانت حتى يدخل الكلب، أو الذئب، فيعوى على بعض سوارى المسجد) وأكثر المدينة اليوم خراب لا يدخلها أحد منفردًا فيأمن، وهذا مما يلى القبلة والجوف، وليس لأبوابها ثقاف ولا غلق، وكذلك أبواب المسجد أكثرها لا تغلق وهى كبيرة. وقد رأى كثير من الناس الكلب يعوى على بعض سوارى المسجد كما قال (صلى الله عليه وسلم) ، وأما كونه فيما يستقبل فلا شك فيه بما قد أنذر به أمته من عموم الفتن واشتدادها، وانتقاض الخير، وغلبة الباطل وأهله، وأن الإسلام سيعود غريبًا كما بدأ غريبًا، وظهور الشرائط وتواتر المحن حتى يتمنى الأحياء الموت. وقال الأخفش: العوافى واحدها عافية، وهى التى تطلب أقواتها، والمذكر عاف، والعوافى والمعتفى التى تطلب فضلك.