لقومه:(من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله (فلم يجبه غيرهم، فكذلك لما قال الرسول: (من يأتينى بخبر القوم) مرتين لم يجبه غير الزبير، فشبهة بالحواريين أنصار عيسى، وسماه باسمهم، وإذا صح من هذا الحديث أن الطليعة ناصر، فأجره أجر المقاتل المدافع؛ قام منه الدليل على صحة قول مالك أن طليعة اللصوص يقتل مع اللصوص، وإن كان لم يقتل ولم يسلب، وكذلك قال عمر بن الخطاب: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به. وفيه شجاعة الرئيس وتقدمه وفضله، وفيه الأدب من الإمام فى الندب إلى القتال والمخاوف؛ لأنه كان للنبى أن يقول لرجل بعينه: قم فائتنى بخبر القوم، فلزم الرجل ذلك؛ لقوله تعالى:(استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم (وزعم بعض المعتزلة أن بعث النبى الزبير طليعة وحده يعارض قوله: (الراكب شيطان) ونهيه عن أن يسافر الرجل وحده. قال المهلب: وليس فى ذلك تعارض بحمد الله لاختلاف المعنى فى الحديثين، وذلك أن قوله (صلى الله عليه وسلم) : (الراكب شيطان) إنما جاء فى المسافر وحده، لأنه لا يأنس بصاحب ولا يقطع طريقه محدث يهون عليه مؤنة السفر، كالشيطان الذى لا يأنس بأحد، ويطلب الوحيد ليغويه بتذكار فتكة وتدبير شهوة، حضًا منه (صلى الله عليه وسلم) على الصحبة، والمرافقة لقطع المسافة، وطى بعيد الأرض بطيب الحكاية، وحسن المعاونة على المؤنة، وقصة الزبير بضد هذا. بعثه طليعة عينًا متجسسًا على قريش ما يريدونه من حرب الرسول، فلو أمكن أن يتعرف ذلك منهم بغير طليعة. لكان أسلم وأخف،