للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنه بحر) فشبه ذلك؛ لأن الجرى منه لا ينقطع كما لا ينقطع ماء البحر، وأول من تكلم بهذا رسول الله، وسأريد فى هذا المعنى فى باب: أسم الفرس والحمار، بعد هذا إن شاء الله. وفيه استعارة الدواب للحرب وغيره، وفيه ركوب الدابة عُريًا لاستعجال الحركة. قال المؤلف: وفى حديث جبير أنه لا بأس للرجل الفاضل أن يخبر عن نفسه بما فيه من الخلال الشريفة عندما يخاف من سوء ظن أهل الجهالة به. وفيه أن البخل والجبن والكذب من الخلال المذمومة التى لا تصلح أن تكون فى رؤساء الناس، وأما من كانت فيه خلة منها لم يتخذه المسلمون إمامًا ولا خليفة، وكذلك من كان كذوبًا فلا يتخذ إمامًا فى دين الله؛ لأن الكذب فجور لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (الكذب يهدى إلى الفجور) ولا يؤمن على وحى الله وسنة رسوله الفجار، وإنما يؤمن عليه أهل العدالة كما قال (صلى الله عليه وسلم) : (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله) . قال المهلب: وفيه أن الإلحاف فى المسألة قد يرد بالقول والعدة كما قال (صلى الله عليه وسلم) : (لو أن لى عدد هذه العضاه نعمًا لقسمته بينكم) والوعد من النبى فى حكم الإنجاز واجب لقوله: (ثم لا تجدونى كذوبا) . وفيه: الصبر لجهلة الناس وجفاة السؤال وإن ناله فى ذلك أذى. وسؤاله رداءه تأنيسًا لهم من الأذى والجفاء عليه والمزاحمة فى الطريق، ثم رد إلحافهم بأن أعلمهم أن ما ملكه مقسوم بينهم وأن وعده منجز لهم، وأن الذى يسألونه من قتالهم وعونهم به ليسوا بالمتقدمين عليه فيه؛ بل هو المقدم عليهم فى القتال وفى كل حال لقوله: (ولا جبانًا) ولم ينكر أحد منهم ما وصف به نفسه لا عترافهم به.

<<  <  ج: ص:  >  >>