اختلف العلماء فى شهادة الأعمى فأجازها سوى من ذكره البخارى مالك والليث فيما طريقه الصوت، وسواء علم ذلك قبل العمى أو بعده، قال مالك: وإن شهد على زنا حد للقذف ولم تقبل شهادته. وقال النخعى وابن أبى ليلى: إذا علمه قبل العمى جازت، وما علمه فى حال العمى لم تجز. وهو قول أبى يوسف والشافعى، وقال أبو حنيفة ومحمد: لا تجوز شهادة الأعمى بحال. وحجة الذين أجازوا شهادته أن النبى (صلى الله عليه وسلم) سمع عبادًا فعرف شخصه بكلامه ودعا له، وسمع صوت مخرمة من بيته فعرفه، وكذلك عرفت عائشة صوت سليمان بن يسار. وقد احتج مالك بقصة ابن أم مكتوم فقال: وكان أعمى إمامًا مؤذنًا على عهد النبى (صلى الله عليه وسلم) ، وقَبِلَ النبى (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه والمسلمون المؤذنين فى الأوقات والسماع منهم، وقال: إنما حفظ الناس عن أزواج النبى (صلى الله عليه وسلم) ما حفظوه وهن من وراء حجاب. قال المهلب: والذى سمع صوت ابن أم مكتوم من بيته فعلم أنه الذى أمر النبى (صلى الله عليه وسلم) بالكف عن الطعام بصوته، فهو كالأعمى أيضًا يسمع صوت رجل فعرفه فتجوز شهادته عليه بما سمع منه وإن لم يره. قال ابن القصار: والصوت فى الشرع قد أقيم مقام الشهادة، ألا ترى أن الأعمى يطأ زوجته بعد أن يعرف صوتها، والإقدام على الفرج واستباحته أعظم من الشهادة فى الحقوق، واحتج