للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا خلاف بين العلماء أن من كان عليه دين لرجل فوهبه له ربه أو أبره منه وقبل البراءة، أنه لا يحتاج فيه إلى قبض؛ لأنه مقبوض فى ذمته، وإنما يحتاج فى ذلك إلى قبول الذى عليه الدين؛ لأن النبى، عَلَيْهِ السَّلام، سأل غرماء أبى جابر أن يقبلوا ثمرة حائطه ويحللوه من بقية دينه، فكان ذلك إبراء لذمة أبى جابر لو رضوا بما دعاهم إليه النبى، عَلَيْهِ السَّلام، ولم يكن يعرف ذلك إلا بقولهم: قد قبلنا ذلك ورضينا، فلم يتم التحلل فى ذلك إلا بالقول. واختلفوا إذا وهب دينًا له على رجل لرجل آخر، فقال مالك: تجوز الهبة إذا سلم إليه الوثيقة بالدين، وأحله فيه محل نفسه، وإن لم تكن له وثيقة، وأشهد على ذلك وأعلن، فهو جائز. وقال أبو ثور: الهبة جائزة أشهد أو لم يشهد إذا تقارا على ذلك. وقال الكوفيون والشافعى: الهبة غير جائزة؛ لأنها لا تجوز عندهم إلا مقبوضة. وقد تقدم فى باب كيف يقبض المتاع مذاهب العلماء فى قبض الهبات، والحجة لمالك وأبى ثور: أنهم جعلوا الموهوب له يحل محل الواهب فى ملك الدين، ويتنزل منزلته فى اقتضائه، ولما أجمعوا أنه يجوز للرجل أن يحيل الرجل على من له دين، كذلك يجوز له أن يجعل ماله من المطالبة بدينه على رجل لرجل آخر يحله محله، وينزله منزلته، إن شاء الله، والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>