للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاة الكسوف زيد فى كل ركعة ركوع آخر، لورود الشرع به، ولا مدخل للنظر فى ذلك. وقوله: (فيقرأ نحوًا من سورة البقرة) يدل أن القراءة فى صلاة الكسوف سر، ولو كانت جهرًا ما قال: نحوًا من سورة البقرة، وبالسر فيها قال مالك، والكوفيون، والشافعى، وسيأتى ذلك فى موضعه، إن شاء الله تعالى. قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إنى رأيت الجنة والنار) ، فيحتمل أن يمثلا له، فينظر إليهما بعينيه كما مُثل له بيت المقدس حين كذبه الكفار فى الإسراء، فنظر إليه فجعل يخبرهم عنه، قال مجاهد فى قوله تعالى: (وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض) [الأنعام: ٧٥] ، قال: فُرجت له السموات حتى نظر إلى ما فيهن حتى انتهى بصره إلى العرش، وفرجت له الأرضون السبع فنظر إلى ما فيهن. وقوله: (فتناولت منها عنقودًا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا) ، فإن العرب تقول فى لو: أنها تجىء لامتناع الشىء لامتناع غيره، كقوله (صلى الله عليه وسلم) : (لو كان بعدى نبى لكان عمر) ، ولا سبيل أن يكون بعده نبى كما لا سبيل أن يكون عمر نبيًا. ولو يأخذه (صلى الله عليه وسلم) ، ولم يأكل منه فى الدنيا؛ لأن طعام الجنة باق أبدًا لا يفنى، ولا يجوز أن يكون شىء من دار البقاء فى دار الفناء، وقد قدر الله أن رزق الدنيا لا ينال إلا بالتعب فيه والنصب، ولا يبدل القول لديه، وأيضًا فإن طعام الجنة إنما شوق الله إليه عباده، ووعدهم نيله جزاءً لأعمالهم الصالحة، والدنيا ليست بدار جزاء، ولذلك لم يصح لهم فى الدنيا أخذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>