هيئة الصلاة فيه كهيئة الصلاة فى كسوف الشمس، وهو قول عبد العزيز بن أبى سلمة. وحجة مالك ومن وافقه أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، جمع فى كسوف الشمس ولم يجمع فى كسوف القمر، فعلم أن معنى قوله:(فافزعوا إلى الصلاة) ، فى كسوف القمر: فرادى، وفى كسوف الشمس: جماعة. قال ابن القصار: وأهل المدينة بأسرهم على هذا، والمعهود أن كسوف القمر يقع أبدًا ولا يكاد يخلو منه عام، وكسوف الشمس نادر، ومحال أن يكون كسوف القمر مألوفًا، والنبى (صلى الله عليه وسلم) ، يجمع له مدة حياته فيهم، ثم يخفى عليهم ذلك جملة، وبقول مالك: لم يبلغنا ولا أهل بلدنا أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، جمع لكسوف القمر، ولا نُقل عن أحد من الأئمة بعد النبى أنه جمع فيه. قال المهلب: ويمكن أن يكون مع تركه، والله أعلم، الجمع فى كسوف القمر رحمةً للمؤمنين لئلا تخلو بيوتهم بالليل، فيحطمهم الناس ويسرقونهم، يدل على ذلك قوله (صلى الله عليه وسلم) ، لأم سلمة، ليلة نزول التوبة على كعب بن مالك وصاحبيه، حين قالت له:(ألا أبشر الناس؟ فقال (صلى الله عليه وسلم) : أخشى أن يحطمكم الناس) ، فى حديث آخر:(أخشى أن يمنع الناس نومَهمُ) . وقد قال تعالى:(ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه)[القصص: ٧٣] ، فجعل السكون فى الليل من النعم التى عدّدها على عباده، وقد سمى ذلك رحمة، وقد أشار ابن القصار إلى نحو هذا المعنى