وذكر وكيع، عن زكريا، عن الشعبى فى الرجل يقرأ السجدة وهو على غير وضوء قال: يسجد حيث كان وجهه. وذهب فقهاء الأمصار إلى أنه لا يجوز سجود التلاوة إلا على وضوء، فإن ذهب البخارى إلى الاحتجاج بقول ابن عمر، والشعبى: نسجد مع المشركين، فلا حجة فيه؛ لأن سجود المشركين لم يكن على وجه العبادة لله والتعظيم له، وإنما كان لما ألقى الشيطان على لسان الرسول من ذكر آلهتهم من قوله:(أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى)[النجم: ٢٠، ٢١] ، فقال: تلك الغرانيق العُلى، وإن شفاعتهم لترتجى، فسجدوا لما سمعوا من تعظيم آلهتهم، فلما علم الرسول ما ألقى الشيطان على لسانه من ذلك أشفق وحزن له، فأنزل الله عليه تأنيسًا له وتسلية عما عرض له:(وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيته (إلى) حكيم) [الحج: ٥٢] ، أى: إذا تلا ألقى الشيطان فى تلاوته، فلا يُستنبط من سجود المشركين جواز السجود على غير وضوء؛ لأن المشرك نجس لا يصح له وضوء ولا سجود إلا بعد عقد الإسلام. وإن كان أراد البخارى الرد على ابن عمر، والشعبى بقوله: والمشرك نجس ليس له وضوء، فهو أشبه بالصواب، إن شاء الله تعالى.