من أقام سبع عشرة قصر الصلاة، ومن أقام أكثر من ذلك أتم، وإنما جاء هذا الحديث، والله أعلم، من الرواة، وروى عباد بن منصور، عن عكرمة تسع عشرة، كما روى البخارى، ولم يقل سبع عشرة أحد من الفقهاء أيضًا إلا الشافعى، فإنه قال: من أقام بدار الحرب خاصة سبع عشرة ليلة قصر. وسأذكره فى هذا الباب، إن شاء الله. وأما حديث أنس فروى عن على، وابن عباس أنه إذا نوى إقامة عشر ليال أتم الصلاة. وسيأتى اختلاف العلماء فى هذه المسألة بعد هذا فى باب كم أقام النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، فى حجته. وأذكر فيه طرفًا من أقوالهم وحجتهم فى ذلك. وتأويل الفقهاء فى حديث أنس أيضًا أن إقامته (صلى الله عليه وسلم) بمكة عشرًا كانت بنية الرحيل، وكانت العوائق تمنعه من ذلك، فما كان على نية الرحيل فإنه يقصر فيه وإن أقام مدة طويلة بإجماع العلماء. وفى حديث ابن عباس من الفقه ما ذهب إليه مالك، وأبو حنيفة وأحد قولى الشافعى: أنه من كان فى أرض العدو من المسلمين ونوى الإقامة مدة يتم المسافر فى مثلها الصلاة أنه يقصر الصلاة، لأنه لا يدرى متى يرحل. قال ابن القصار: والقول الثانى للشافعى الذى خالف فيه الفقهاء، قال: إن كان المقيمون بدار الحرب ينتظرون الرجوع كل يوم فإنه يجوز لهم أن يقصروا إلى سبعة عشر يومًا أو ثمانية عشر يومًا، فإذا جاوزوا هذا المقدار أتموا، واحتج بأن الرسول أقام بهوازن هذه المدة يقصر، وقوله الأول الموافق للفقهاء أولى، لأن إقامة من كان بدار الحرب ليست بإقامة صحيحة، وإنما هى موقوفة على ما يتفق لهم من الفتح لأن أرض العدو ليست بدار إقامة للمسلمين.