(صلى الله عليه وسلم) يقول: (من تأهل ببلدة فهو من أهلها فليصل أربعًا) . وهذه الوجوه كلها ليست بشىء. قال الطحاوى: وذلك أن الأعراب كانوا بأحكام الصلاة أجهل فى زمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فلم يتم بهم لتلك العلة، ولم يكن عثمان ليخاف عليهم ما لم يخفه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، لأنه بهم رءوف رحيم. قال غيره: ألا ترى أن الجمعة لما كان فرضها ركعتين لم يعدل عنها، وكان يحضرها الغوغاء والوفود، وقد يجوز أن صلاة الجمعة فى كل مكان ركعتان. وأما ما ذكر عنه أنه أزمع على المقام بعد الحج فليس بشىء، فإن المهاجرين فرض عليهم ترك المقام بمكة، وقد صح عن عثمان أنه كان لا يودع النساء إلا على راحلته، ويسرع الخروج من مكة خشية أن يرجع فى هجرته التى هاجرها الله. وما ذكر أنه اتخذ أهلاً بمكة النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، كان فى غزواته وحجه وأسفاره كلها يسافر بأهله بعد أن يقرع بينهن، وكان أولى أن يتأول ذلك ويفعله، فلم يفعله وقصر الصلاة، وكذلك تأولوا فى إتمام عائشة أنها كانت أم المؤمنين، فحيث ما حلت فهو بيتها، وهذا فى الضعف مثل الأول، ألا ترى أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، كان أبًا للمؤمنين وهو أولى بهم من عائشة، ولم يتأول ذلك. والوجه الصحيح فى ذلك، والله أعلم، أن عثمان وعائشة إنما أتمَّا فى السفر لأنهما اعتقدا فى قصر الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه لما خُير بين القصر