للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشقة السفر لازمة له من حين خروجه من موضعه، لكن لا يتم إلا بالمبيت والشغل بأمر المعاش المتصل بمشقة السعى مع الاحتراس بالليل وغيره، وكذلك تبقى على الراجع المشقة حتى يحل عن نفسه بوصوله إلى منزله. ومن أجاز من التابعين تقصير الصلاة قبل الخروج من البيوت فقوله مردود بفعله (صلى الله عليه وسلم) حين أتم الظهر بالمدينة، ثم خرج فقصر العصر بذى الحليفة، وإنما لزم التقصير إذا خرج من بيوت القرية لا قبل ذلك، لأن السفر يحتاج إلى عمل ونية، وليس كالإقامة التى تصح بالنية دون العمل. وحديث أنس حجة لجماعة الفقهاء أهل المقالة الأولى، وذلك أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) حين أتم الظهر بالمدينة، وقصر العصر بذى الحليفة إنما فعل ذلك، لأنه (صلى الله عليه وسلم) كان متوجهًا إلى مكة، ذكره البخارى فى بعض طرق الحديث لا أنه كان سفره إلى ذى الحليفة فقط، وبين المدينة وذى الحليفة من ستة أميال إلى سبعة، فلا حجة لمن أجاز التقصير فى قليل السفر، ولمن خرج إلى بستانه، لأن الحجة فى السُّنَّة لا فيما خالفها، وإنما ترك على التقصير، وهو يرى الكوفة حتى يدخلها، لأنه كان فى حكم المسافر فى ذلك الوقت، فلو أراد أن يصلى حينئذ لصلى صلاة سفر، وكان له تأخير الصلاة إلى الكوفة إذا كان فى سعة من الوقت ليصليها صلاة حضر، فاختار ذلك أخذًا بالأفضل واحتياطًا للإتمام حين طمع به وأمكنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>