النوافل فى الأرض، وتفسر قوله تعالى:(فأينما تولوا فثم وجه الله)[البقرة: ١١٥] أن ذلك فى النافلة على الدابة. وقد روى عن ابن عمر أن هذه الآية نزلت فى قول اليهود فى القبلة، وذهب جماعة الفقهاء إلى الأخذ بهذه الأحاديث، وأجازوا التنفل على الدابة فى السفر إلى غير القبلة، وممن روى ذلك عنه: علىّ، وابن الزبير، وأبو ذر، وابن عمر، وأنس، وبه قال طاوس، وعطاء، وإليه ذهب مالك، والثورى، والكوفيون، والليث، والأوزاعى، والشافعى، وأحمد، وأبو ثور، غير أن أحمد وأبا ثور كانا يستحبان أن يستقبل القبلة بالتكبير. واختلفوا فى الصلاة على الدابة فى السفر الذى لا تقصر فى مثله الصلاة، فقال الفقهاء الذين تقدم ذكرهم: يصلى فى قصير السفر وطويله، غير مالك فإنه قال: لا يصلى أحد على دابته فى سفر لا تقصر فى مثله الصلاة. والحجة له أن الخبر إنما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يصلى على راحلته فى سفره إلى خيبر، وجائز قصر الصلاة من المدينة إلى خيبر، ولم ينقل عنه أنه (صلى الله عليه وسلم) صلى على دابته إلا فى سفر تقصر الصلاة فيه، كذلك رواه مالك عن عمرو بن يحيى، عن سعيد بن يسار، عن ابن عمر، قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلى على حمار وهو متوجه إلى خيبر. وأيضًا فإن ذلك رخصة فى السفر كالفطر والقصر، فينبغى أن تكون هذه الرخص كلها على طريقة واحدة، وأيضًا فإن القبلة آكد، لأن الصلاة تقصر فى السفر، ولا يعدل فيها عن القبلة مع القدرة، فلما كان فى السفر القصير لا يقصر، والقصر أضعف، كان بألا يجوز ترك القبلة أولى.