فإن قالوا: قد جوزنا معكم إمامة القاعد، ومنعنا إمامة المومئ فثبت الفرق بينهما، لأن القاعد بدل القيام والقعود جميعًا، وقد صح عقده لتكبيرة الإحرام كما تصح فى قيامه وقعوده، وأما التفرقة بينهما فى الإمامة فليس إذا أبطلنا حكم المأموم لعلة فى الإمام، وجب أن تبطل صلاة الإمام، وصلاة المومئ فى نفسه صحيحة، وإن لم يصح الائتمام به، كصلاة المرأة هى صحيحة وإن لم يصح الائتمام بها، والأمى بالقارئ. وكذلك اختلفوا فيمن افتتح الصلاة قائمًا وصلى ركعة، ثم عجز عن القيام وصار إلى حال الإيماء، فعند مالك أنه يبنى عليها قاعدًا وبه قال أبو حنيفة، والثورى، والشافعى. وقال أبو يوسف، ومحمد: تبطل صلاته إلا أن يتمادى قائمًا، والدلائل المتقدمة تلزمه، لأن طرءان العجز بعد القدرة كطرءان القدرة بعد العجز، وأن العجز عن الركن لا يبطل حكم الركن المقدور عليه كما أن القدرة إذا طرأت لم تبطل حكم ما مضى. واختلفوا فى النافلة يفتتحها قاعدًا، هل يجوز له أن يركع قائمًا؟ قال الطحاوى: فكره ذلك قوم، واحتجوا بما رواه حماد بن زيد عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن شقيق العقيلى، عن عائشة قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكثر الصلاة قائمًا وقاعدًا فإذا صلى قائمًا ركع قائمًا، وإذا صلى قاعدًا ركع قاعدًا. وخالفهم آخرون فأجازوا لمن افتتح النافلة قاعدًا أن يركع قائمًا واحتجوا بحديث عائشة المذكور فى هذا الباب، وهو قول أبى حنيفة، وأبى يوسف، ومحمد، وهو قياس قول مالك، وقاله أشهب. وقال الطحاوى: هذا الحديث أولى من حديث ابن شقيق، عن