وقد اختلف العلماء: هل الأفضل فى صلاة التطوع طول القيام، أو كثرة الركوع والسجود، فذهبت طائفة إلى أن كثرة الركوع والسجود فيها أفضل، وروى عن أبى ذر: أنه كان لا يطيل القيام ويكثر الركوع والسجود، فسئل عن ذلك، فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (من ركع ركعة وسجد سجدة رفعه الله بها درجة، وحطت عنه بها خطيئة) . وروى عن ابن عمر، أنه رأى فتىً يصلى قد أطال صلاته، فلما انصرف قال: من يعرف هذا؟ قال رجل: أنا، قال عبد الله: لو كنت أعرفه لأمرته أن يطيل الركوع والسجود، فإنى سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (إذا قام العبد يصلى أتى بذنوبه فجعلت على رأسه وعاتقيه، وكلما ركع وسجد تساقطت عنه) . وقال يحيى بن رافع: كان يقال: لا تطل القراءة فى الصلاة، فيعرض لك الشيطان فيمنيك. وقال آخرون: طول القيام أفضل، واحتجوا بما روى وكيع، عن الأعمش، عن أبى سفيان، عن جابر، قال: سئل رسول الله، أى الصلاة أفضل؟ قال:(طول القنوت) . وهو قول إبراهيم، وأبى مجلز، والحسن البصرى. وإليه ذهب أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وقال أشهب: هو أحب إلىّ لكثرة القراءة، على سعة ذلك كله. قال الطحاوى: وليس فى حديث أبى ذر ما يخالف هذا الحديث، لأنه قد يجوز أن يكون قوله (صلى الله عليه وسلم) : (من ركع لله ركعة وسجد سجدة رفعه الله بها درجة وحَطَّ عنه خطيئة) . وإن زاد مع ذلك طول القيام كان أفضل، وكان ما يعطيهم الله من الثواب أكثر،