وقال آخرون: بل جاء الاختلاف فيها من قبل الرواة، وأن الصحيح منها إحدى عشرة ركعة بالوتر. قالوا: وقد كشفت عائشة هذا المعنى ورفعت الإشكال فيه لقولها: (ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يزيد فى رمضان ولا فى غيره على إحدى عشرة ركعة) ، وهى أعلم الناس بأفعاله لشدة مراعاتها له، وهى أضبط لها من ابن عباس، لأنه إنما رمق صلاته مرةً حين بعثه العباس ليحفظ صلاته بالليل، وعائشة رقبت ذلك دهرها كله. فما روى عنها مما خالف إحدى عشرة ركعة فهو وهم، ويحتمل الغلط فى ذلك أن يقع من أجل أنهم عدّوا ركعتى الفجر مع الإحدى عشرة ركعة، فتمت بذلك ثلاث عشرة ركعة. وقد جاء هذا المعنى بيانًا فى بعض طرق الحديث، روى عبد الرزاق، عن الثورى، عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس، قال: بت عند خالتى ميمونة، فقام الرسول (صلى الله عليه وسلم) يصلى، فتمطيت كراهية أن يرانى أراقبه، ثم قمت ففعلت مثل ما فعل فصلى فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر، ثم نام حتى نفخ، فجاءه بلال فآذنه بالصلاة، فقام فصلى ولم يتوضأ. وروى ابن وهب، عن ابن أبى ذئب، ويونس، وعمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، أخبرهم عن عروة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلى فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة، ويسجد سجدة قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية، فإذا سكت المؤذن من أذان الفجر وتبين له الفجر ركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة.