وأما قول عائشة: يصلى أربعًا فلا تسل عن حسنهن وطولهن، ثم أربعًا، ثم ثلاثًا، فقد تقدم فى أبواب الوتر أن ذلك مرتب على قوله (صلى الله عليه وسلم) : (صلاة الليل مثنى مثنى) لأنه مفسر وقاض على المجمل، وقد جاء بيان هذا فى بعض طرق هذا الحديث، روى ابن أبى ذئب، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلى بالليل إحدى عشرة ركعة بالوتر، يسلم بين كل ركعتين. وقيل فى قولها: يصلى أربعًا، ثم أربعًا، أنه كان ينام بعد الأربع، ثم يصلى، ثم ينام بعد الأربع، ثم يقوم فيوتر بثلاث، فاحتج من قال ذلك بحديث الليث، عن ابن أبى مليكة، عن يعلى، عن أم سلمة أنها وصفت صلاة رسول الله بالليل وقراءته فقالت: كان يصلى ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلى قدر ما نام، ثم ينام قدر ما صلى، ثم يقوم فيوتر. وقال أبو الحسن القابسى: أما قول عائشة للنبى (صلى الله عليه وسلم) : تنام قبل أن توتر، فإنها توهمت أن الوتر بإثر العشاء لا يكون غيره على ما رأت من أبيها، لأنه كان يوتر بإثر العشاء، فلما أتت النبى ورأته يؤخر وتره إلى الوقت المرغب فيه رأت خلاف ما علمت من فعل أبيها، فسألته (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك فأخبرها أن عينيه تنامان ولا ينام قلبه وليس ذلك لأبيها، وهذه من أعلى مراتب الأنبياء، عليهم السلام، ولذلك قال ابن عباس:(رؤيا الأنبياء وحى) لأنهم يفارقون سائر البشر فى نوم القلب ويساوونهم فى نوم العين. روى أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبى، - عليه