من أشرف التطوع، لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها) كان أولى أن يفعل فيها أشرف ما يفعل فى التطوع من إطالة القراءة فيهما، وهو عندنا أفضل من التقصير، لأنه من طول القنوت الذى فضله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى التطوع على غيره. وأما من قال: لا قراءة فيهما، فإنه احتج بحديثى هذا الباب، والحجة عليه ما رواه شعبة، عن محمد بن عبد الرحمن، قال: سمعت عمتى عمرة تحدث عن عائشة، أن رسول الله كان إذا طلع الفجر صلى ركعتين، أقول: يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب؟ فهذا خلاف أحاديث عائشة الأُخر، لأنها أثبتت فى هذا الحديث قراءة أم القرآن، فذلك حجة على من نفى القراءة، وهذا الحديث حجة لمن قال: يقرأ فيهما بأم القرآن خاصة، وقد يجوز أن يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وغيرها، ويخفف القراءة حتى يقال على التعجب من تخفيفه: هل قرأ فيهما بفاتحة الكتاب. وحجة من قال: يقرأ فيهما بأم القرآن وسورة قصيرة، ما رواه أبو نعيم، عن إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: رمقت النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، أربعًا وعشرين مرة يقرأ فى الركعتين قبل صلاة الغداة، وفى الركعتين بعد المغرب:(قل يا أيها الكافر (، و) قل هو الله أحد (. وروى أبو وائل، عن عبد الله مثله، وقال: ما أحصى ما سمعت النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، يقرأ بذلك، وبه كان يأخذ ابن مسعود وذكره ابن أبى شيبة، وقد روى مثله من حديث قتادة عن أنس، ومن حديث جابر، عن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، فى ركعتى الفجر خاصة.