يحتمل أن يكون كل مخبر إنما أخبر عنه (صلى الله عليه وسلم) بما شاهده وعاينه من فعله. وليس فى قول من نفى صلاة الضحى واحتج بقول عائشة: ما رأيت رسول الله يسبح سبحة الضحى قط، حجة لأنها أخبرت بما علمت لما خالفه، لأن قول القائل: لم يصلها النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، غير مخبر عنه أنه قال:(لم أصلها ولا أصليها) ، فكيف وقد أخبر غير واحد عن عائشة ممن لا يتهم أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، كان يصلى الضحى. وذلك ما حدثنا به محمد بن بشار، قال: حدثنا معاذ بن هشام، حدثنى أبى، عن قتادة، عن معاذة، عن عائشة، أنها سألتها: أكان النبى يصلى الضحى؟ قالت: نعم، ورواه شعبة عن يزيد الرشك، عن معاذة، عن عائشة، قالت: كان النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، يصلى الضحى أربعًا ويزيد ما شاء الله. قال الطبرى: فلو لم يدل على وهم الحديث عن عائشة، أن النبى لم يسبح سبحة الضحى، إلا هذه الأخبار المدونة عنها أنه صلاها، فكيف وفى خبر عبد الله بن شقيق عنها أنه كان يصليها عند قدومه من مغيبه؟ . قال غيره: وقد يمكن الجمع بين أحاديث عائشة وغيرها، فيحمل قولها: ما رأيت رسول الله يسبح سبحة الضحى، يعنى مواظبًا عليها ومعلنا بها، لأنه يجوز أن يصليها بحيث لا تراه، وقد روى عن عائشة أنها كانت تغلق على نفسها بابها ثم تصلى الضحى. وقال مسروق: كنا نقرأ فى المسجد فنبقى بعد قيام ابن مسعود، ثم نقوم فنصلى الضحى، فبلغ ابن مسعود ذلك، فقال: لم تحملوا عباد الله ما لم يحملهم الله؟ إن كنتم لابد فاعلين ففى بيوتكم. وكان أبو مجلز يصلى الضحى فى منزله. وكان مذهب السلف الاستتار بها وترك إظهارها للعامة، لئلا يرونها واجبة. وفى قولها:(وإننى لأسبحها) دليل أنها صلاة مندوب إليها