الرسول يقول:(لا تعمل المطى إلا إلى ثلاثة مساجد) . فدل أن مذهب بَصْرة حمل الحديث على العموم فى النهى عن إعمال المطى إلى غير الثلاثة المساجد على كل حال، فدخل فيه الناذر والمتطوع. قيل له: ليس كما ظننت، وإنما أنكر بَصْرة على أبى هريرة خروجه إلى الطور، لأن أبا هريرة كان من أهل المدينة التى فيها أحد المساجد الثلاثة التى أُمر بإعمال المطى إليها، ومن كان كذلك فمسجده أولى بالإتيان، وليس فى الحديث أن أبا هريرة نذر السير إلى الطور، وإنما ظاهره أنه خرج متطوعًا إليه، وكان مسجده بالمدينة أولى بالفضل من الطور، لأن مسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس أفضل من الطور. وقد اختلف العلماء فيمن كان بالمدينة، فنذر المشى إلى بيت المقدس، فقال مالك: يمشى ويركب. وقال الأوزاعى: يمشى ويركب ويتصدق. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يصلى فى مسجد المدينة أو مكة. واحتج أبو يوسف فى ذلك بأن الصلاة فى مكة والمدينة أفضل من الصلاة فى بيت المقدس، فلذلك أجزأُه. وقال سعيد بن المسيب: من نَذَر أن يعتكف فى مسجد إيلياء، فاعتكف فى مسجد النبى (صلى الله عليه وسلم) أجزأ عنه، ومن نذر أن يعتكف فى مسجد النبى (صلى الله عليه وسلم) فاعتكف فى المسجد الحرام أجزأ عنه، وقال الشافعى: يمشى إلى مسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس، إذا نذر ذلك، ولا يتبين لى وجوبه عليه، لأن البر بإتيان بيت الله، عز وجل، فرضٌ، والبر بإتيان هذين نافلة. وقال ابن المنذر: من نذر المشى إلى مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، والمسجد الحرام، وجب عليه ذلك، لأن الوفاء به طاعة، ومن نذر المشى إلى بيت المقدس