والوجه الثانى: قاله زيد بن أسلم، قال: بيته فى هذا الحديث هو قبره، ويؤيد هذا القول رواية من روى (ما بين قبرى ومنبرى) . قال الطبرى: إذا كان قبره فى بيت من بيوته، كان معلوم بذلك أن الروايات وإن اختلفت ألفاظها صحيحة، لأن معانيها متفقة، لأن بيته الذى فيه قبره هو حجرة من حجره، وبيت من بيوته، وهو قبره أيضًا، وبيته بعد وفاته، فبين بيته الذى فيه قبره وحجرته التى فيها جدثه روضة من رياض الجنة، والروضة فى كلام العرب المكان المطمئن من الأرض فيه النبت والعشب. وإنما عنى (صلى الله عليه وسلم) أن ذلك الموضع للمصلى فيه، والذاكر الله عنده والعامل بطاعته كالعامل فى روضة من رياض الجنة، وأن ذلك يقود إلى الجنة، وكذلك ما كان يسمع فيه من النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، من الإيمان والدين يقود إليها أيضًا، كما قال (صلى الله عليه وسلم) : (ارتعوا فى رياض الجنة) ، قيل: ما رياض الجنة؟ قال:(مجالس الذكر) . فجعل مجالس الذكر فى شرفها وفضلها بمنزلة رياض الجنة، وجعل ذاكر الله فيها كالراتع فى رياض الجنة. وكما قال (صلى الله عليه وسلم) : (الجنة تحت ظلال السيوف) يعنى أنه عمل يوصل به إلى الجنة، وكما قال:(الأم باب من أبواب الجنة) ، يريد أن يره بها ودعاءها له يوصله إلى الجنة، وهذا معلوم فى لسان العرب؛ تسمية الشىئ بما يئول إليه ويتولد عنه. وقوله:(ومنبرى على حوضى) ، يحتمل معنين: أحدهما: أن يكون الله تعالى يعيد المنبر بعينه، ويرفعه فيكون على حوضه،