للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول أبى حنيفة مخالف للحديث، لأن الرسول، قال: (إذا سبح التفت إليه) ، وفهم الصحابة من هذا أنهم إذا سبحوا للإمام ولم يفهم عنهم أن يكثروا ذلك حتى يفهم، ألا ترى أنهم أكثروا التصفيق حتى التفت أبو بكر، ولو لم يكن التسبيح على نية إعلام الساهى ما ردَّدُوه حتى فهم. وقد بَيِّن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن الالتفات فى الصلاة إنما يكون من أجل التسبيح، فهو مقصود بذلك. وفيه: أن الالتفات فى الصلاة لا يقطعها. وفيه: أنه لا بأس بتخلل الصفوف والمشى إلى الصف الأول لمن يليق به الصلاة فيه، لأن شأن الصف الأول أن يقوم فيه أفضل الناس علمًا ودينًا، لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (ليلينى منكم ذوو الأحلام والنهى) ، يعنى، والله أعلم، ليحفظوا عنه ويَعُوا ما كان منه فى صلاته، وكذلك يصلح أن يقوم فى الصف الأول من يصلح أن يلقن الإمام ما تعامى عليه من القراءة، ومن يصلح للاستخلاف فى الصلاة، وقد تقدم كثير من معانى هذا الحديث فى أبواب الإمامة، فأغنى عن إعادته. وفيه: دليل على جواز الفتح على الإمام وتلقينه إذا أخطأ، وقد اختلف العلماء فى ذلك فأجازه الأكثر، وممن أجازه: على، وعثمان، وابن عمر، وروى عن عطاء، والحسن، وابن سيرين، وهو قول مالك، وأبى يوسف، والشافعى، وأحمد، وإسحاق. وكرهه طائفة، روى ذلك عن ابن مسعود، والشعبى، والنخعى، وكانوا يرونه بمنزلة الكلام، وهو قول الثورى والكوفيبن، وروى عن أبى حنيفة: إن كان التسبيح جوابًا قطع الصلاة، وإن كان من مرور إنسان بين يديه لم يقطع. وقال أبو يوسف: لا يقطع وإن كان جوابًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>