هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا، فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ:(رَبّ هَبْ لِى مُلْكًا لا يَنْبَغِى لأحَدٍ مِنْ بَعْدِى)[ص: ٣٥] فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا) . استخف جماعة العلماء العمل اليسير فى الصلاة، وأجمعوا أن الكثير منه لا يجوز، إلا أنهم لم يحدّوا القليل، ولا الكثير، وإنما هو اجتهاد واحتياط، وغمزُه، (صلى الله عليه وسلم) ، رجل عائشة فى الصلاة هو عمل يسير، إلا أن تكرير ذلك ربما أخرجه عن حَدِّ القليل. وأما حديث الشيطان الذى عرض للنبى (صلى الله عليه وسلم) فى الصلاة، فقد رواه عبد الرزاق مفسرًا، فقال:(عرض لى فى صورة هرّ) ، فهذا معنى قوله:(فأمكننى الله منه) أى صوره لى فى صورة الهرِّ مشخصًا يمكنه أخذه، فأراد ربطه، ففى هذا جواز العمل فى الصلاة، وربطه إلى سارية عمل كثير قد هم به الرسول، (صلى الله عليه وسلم) ، ولا يهم إلا بجائز. ومما استخف العلماء من العمل فى الصلاة أخذ البرغوث والقملة، ودفع المارِّ بين يدى المصلى، والإشارة والالتفات الخفيف، والمشى الخفيف، وقتل الحية والعقرب، وهذا كله إذا لم يقصد المصلى بذلك العبث فى صلاته ولا التهاون بها، وممن أجاز أخذ القملة فى الصلاة وقتلها الكوفيون والأوزاعى. وقال أبو يوسف: قد أساء، وصلاته تامة، وكره الليث قتلها فى المسجد، ولو قتلها لم يكن عليه شىء، وقال مالك: لا يقتلها فى المسجد ولا يطرحها فيه، ولا يدفنها فى الصلاة. وقال الطحاوى: لو حك بدنه لم يكره، كذلك أخذ القملة وطرحها. ورخص فى قتل العقرب فى الصلاة: ابن عمر، والحسن،