وأشهب، وأحمد، وإسحاق. وقالت طائفة: هو بمنزلة الكلام يقطع الصلاة، روى عن سعيد بن جبير، وهو قول مالك فى المدونة، وفيه قول ثالث: أن النفخ إن كان يسمع فهو بمنزلة الكلام، ويقطع الصلاة، هذا قول أبى حنيفة، والثورى، ومحمد. والقول الأول أولى، لما ذكره البخارى عن عبد الله بن عمرو:(أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) نفخ فى سجوده) ، وذكر ابن أبى شيبة لأبى صالح أن قريبًا لأم سلمة صلى فنفخ، فقالت أم سلمة: لا تفعل، فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لغلام لنا أسود: (يا رباح، ترب وجهك) . وقال ابن بريدة: كان يقال: من الجفاء أن ينفخ الرجل فى صلاته، فدل هذا أن من كرهه إنما جعله من الجفاء وسوء الأدب، لا أنه بمنزلة الكلام عنده، ألا ترى أن أم سلمة لم تأمر قريبها حين نفخ فى صلاته بإعادتها، ولو كان بمنزلة الكلام عندها ما تركت بيان ذلك، ولا فعله رسوله الله (صلى الله عليه وسلم) . ويدل على صحة هذا اتفاقهم على جواز التنخم والبزاق فى الصلاة، وليس فى النفخ من النطق بالفاء والهمزة أكثر مما فى البزاق من النطق بالتاء والفاء اللتين من رمى البصاق، ولما اتفقوا على جواز البزاق فى الصلاة جاز النفخ فيها، إذ ليس بينهما فرق فى أن كل واحدٍ منهما بحروف، ولذلك ذكر البخارى حديث البزاق فى هذا الباب ليستدل به على جواز النفخ، لأنه لم يسند حديث عبد الله بن عمرو، أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، نفخ فى سجوده، واعتمد على الاستدلال من حديث النخامة والبزاق، وهو استدلال حسن، وأما البزاق اليسير فإنه يحتمل فى الصلاة إذا كان على اليسار، أو تحت القدم، كما جاء فى الحديث، غير أنه ينبغى إرساله بغير نطق بحرف