قال المؤلف: التفهم للعلم هو التفقه فيه، ولا يتم العلم إلا بالفهم، وكذلك قال على: والله ما عندنا إلا كتاب الله، أو فهم أُعطيه رجل مؤمن. فجعل الفهم درجة أخرى بعد حفظ كتاب الله، لأن بالفهم له تبين معانيه وأحكامه. وقد نفى (صلى الله عليه وسلم) العلم عمن لا فهم له بقوله: تمت رب حامل فقهٍ لا فقه له -. وقال مالك: ليس العلم بكثرة الرواية، وإنما هو نور يضعه الله فى القلوب، يعنى بذلك فهم معانيه واستنباطه. فمن أراد التفهم فليحضر خاطره، وبفرغ ذهنه، وينظر إلى نشاط الكلام، ومخرج الخطاب، ويتدبر اتصاله بما قبله، وانفصاله منه، ثم يسأل ربه أن يلهمه إلى إصابة المعنى، ولا يتم ذلك إلا لمن علم كلام العرب، ووقف على أغراضها فى تخاطبها وأُيِّدَ بِجَوْدَةِ قريحة، وثاقب ذهن، ألا ترى أن عبد الله بن عمر فهم من نشاط الحديث فى نفس القصة أن الشجرة هى النخلة، لسؤاله (صلى الله عليه وسلم) لهم عنها حين أُتى بالجمار، وقوى ذلك عنده بقوله:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ)[إبراهيم: ٢٤] . وقال العلماء: هى النخلة، شبهها الله بالمؤمن. وقول مجاهد: تمت إنه صحب ابن عمر إلى المدينة، فلم يحدّث