للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ: النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْرَمَهُ؟) قُلْتُ: بِأَبِى وأمى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ، فَقَالَ: (أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّى لأرْجُو لَهُ الْخَيْرَ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِى - وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ - مَا يُفْعَلُ بِى) ، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لا أُزَكِّى أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا. / ٧ - وفيه: جَابِرَ، لَمَّا قُتِلَ أَبِى، جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، أَبْكِى، وَيَنْهَوْنِى عَنْهُ، وَالنَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) لا يَنْهَانِى فَجَعَلَتْ عَمَّتِى فَاطِمَةُ تَبْكِى، فَقَالَ النَّبِىُّ (صلى الله عليه وسلم) : (تَبْكِينَ أَوْ لا تَبْكِينَ مَا زَالَتِ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ) . قال المهلب: فيه جواز كشف الثوب عن الميت إذا لم يبدُ منه أذى، وفيه جواز تقبيل الميت عند وداعه، ونهى الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن المكامعة، إنما هى فى حال الحياة، فلما ارتفعت فى الميت جاز تقبيله، وقد روى عبد الرزاق عن الثورى، عن عاصم بن عبيد الله، عن القاسم ابن محمد، عن عائشة: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دخل على عثمان بن مظعون فأكب عليه فقبله، ثم بكى، حتى رأيت الدموع تسيل على وجنتيه. وفيه جواز البكاء على الميت من غير نوح، وكذلك فى قوله (صلى الله عليه وسلم) فى حديث جابر: (تبكين أو لا تبكين) إباحة البكاء أيضًا، وسيأتى ذلك فى موضعه، إن شاء الله. وأما قول أبى بكر الصديق: لا يجمع الله عليك موتتين، فإنما قال ذلك، والله أعلم، لأن عمر بن الخطاب وغيره قالوا: إن رسول الله لم يمت وسيبعث ويقطع أيدى رجال وأرجلهم، ذكرته عن عمر فى فضائل أبى بكر الصديق، فأراد أنه لا يجمع الله عليه ميتتين فى الدنيا، بأن يميته هذه الميتة التى قد ماتها ثم يحييه، ثم يميته ميتة أخرى. وليس قوله: لا يجمع الله عليك ميتتين، بمعارض لقوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>