طائفة: ينجس بالموت. وقالت طائفة: لا ينجس. وليس لمالك فيه نص، وقد رأيته لبعض أصحابه أنه طاهر، وهو الصواب، واختلف فيه قول الشافعى، والدليل على طهارته أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، قبل عثمان بن مظعون لما مات والدموع تسيل على خديه، ولو كان نجسًا لم يجز أن يفعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) هذا، وخاصة فإن الدموع إذا سالت عليه وهو نجس لم يجز أن تلاصقها بشرة الحى، لأنها تصير نجسة رطبة. وقد قال (صلى الله عليه وسلم) : (المؤمن لا ينجس) ، وهو بعد موته مؤمن كما كان فى حياته، فثبتت طهارته كما قال ابن عباس. قال عبد الواحد: فإن قيل: فقد صح أن المؤمن لا ينجس، وأن المؤمن قد سقطت عنه العبادة بعد موته، فما وجه غسل الميت الذى ليس بنجس ولا متعبَّد، وما معنى غسله ثلاثًا؟ قيل: يحتمل أن يكون معنى غسله، والله أعلم، أنه تنظيف لمباشرة الملائكة إياه، وللقائه لله تعالى، ولذلك يجعل له الكافور ليلقاه طيب الرائحة، وأمر أن يغسل ثلاثًا، أو خمسًا، وليس التحديد فى ذلك بواجب، وإنما أريد بالغسل الإنقاء، لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (أو أكثر من ذلك إن رأيتن) . فإن قيل: إن واحدة تكفيه، فما معنى الثلاث والخمس؟ . قيل: للمبالغة فى غسله، ليلقى الله بأكمل الطهارات. فإن قيل: فماذا يطهر إذا لم يعلم به جنابة، ولا حيض بالمرأة، ولا بجسدها نجاسة؟ فالجواب: أنه يجوز أن يكون به جنابة لا نعلمها من احتلام وغيره، ويغشاه الموت فيموت جنبًا، أو يمس جسده فى مرضه شىء من النجاسات، ولا يعلم ذلك، فوجب أن يؤخذ له بالوثيقة ويحتاط له، ليوقن له أنه لقى الله طاهرًا، والله أعلم. وقد قال سعيد بن المسيب، والحسن البصرى: إن كل ميت يجنب،