عليه السلام:(كفنوه فى ثوبيه، ولا تمسوه طيبًا، ولا تخمروا رأسه) ، وإنما ترجم له باب الحنوط للميت، لأنه لما قال فى هذا الحديث:(لا تحنطوه) ، وكان محرمًا استدل البخارى من هذا أنه إذا لم يكن محرمًا أنه يحنط. واختلف العلماء كيف يكفن المحرم، فقال الشافعى، وأحمد بن حنبل: يكفن المحرم، ولا يغطى رأسه، ولا يقرب طيبًا، لأن حكم إحرامه باق. وهو قول علىّ، وابن عباس على ظاهر هذا الحديث. وقال مالك، وأبو حنيفة، والأوزاعى: يفعل بالمحرم ما يفعل بالحلال. وهو قول عثمان، وعائشة، وابن عمر. قال ابن القصار: والحجة لهذا القول قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث. . . .) ، فدل أن بموته تنقطع العبادة، وقد كفن ابن عمر ابنه، وخمر رأسه يوم مات، وهو محرم، وقال: لولا أنا حرم لطيبناه، وهذا يدل أن الحديث خاص فى ذلك الرجل بعينه. قوله (صلى الله عليه وسلم) : (فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا) ، كما قال فى الشهداء، فإن الشهيد يبعث يوم القيامة اللون لون الدم، والريح ريح مسكٍ، فأخبر عن حال كل من استحق الشهادة، ثم خص جعفر لما قطعت يداه، فقال:(له جناحان يطير بهما فى الجنة) ، ولم يقل ذلك فى غيره ممن قطعت يداه من الشهداء، فلذلك خَصَّ ذلك المحرم الذى وقص دون غيره. ويمكن أن يكون ذلك خصوصًا له من أجل أن الله تقبل حجه، ولا يعلم أحدٌ بعد الرسول هل تقبل الله حج غيره ممن يموت محرمًا؟