للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ) . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ: بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ، قَالَ: صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ، فَقَالَ: ادْعُهُ لِى، فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ، فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ، فَالْحَقْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ، دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِى، يَقُولُ: وَا أَخَاهُ، وَا صَاحِبَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا صُهَيْبُ أَتَبْكِى عَلَىَّ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ) . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : إِنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ) وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ ذَلِكَ: وَاللَّهُ) هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى) [النجم: ٤٣] . قَالَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ: وَاللَّهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ شَيْئًا. قَالَتْ عائشة: إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَلَى يَهُودِيَّةٍ، يَبْكِى عَلَيْهَا، فَقَالَ: (إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِى قَبْرِهَا) . / ٣٥ - وفى كتاب المغازى: قالت عائشة: إنما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (إنه ليعذب بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليبكون عليه) . اختلف أهل العلم فى معنى قوله (صلى الله عليه وسلم) : (يعذب الميت ببكاء أهله عليه) ، فقالت طائفة: معناه أن يوصى بذلك الميت، فيعذب حينئذ بفعل نفسه لا بفعل غيره، وإليه ذهب البخارى فى قوله: إذا كان النوح من سنته، يعنى أن يوصى بذلك، وهو قول أهل الظاهر، وأنكروا قول عائشة، وأخذوا بحديث عمر، وابن عمر، والمغيرة أن الميت يعذب بما نيح. وقال آخرون: معناه أن يمدح الميت فى ذلك البكاء بما كان يمدح به أهل الجاهلية من الفتكات والغارات والقدرة على الظلم، وغير ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>