ابن عباس: إن الميت لا يعذب ببكاء الحى. وذهبت عائشة إلى أن أحدًا لا يعذب بفعل غيره، وهو أمر مجتمع عليه، لقوله تعالى:(ولا تزر وازرة وزر أخرى () ولا تكسب كل نفس إلا عليها) [الأنعام: ١٦٤] . وكل حديث أتى فيه النهى عن البكاء فمعناه النياحة عند العلماء، لأن الله تعالى أضحك وأبكى، ولقوله (صلى الله عليه وسلم) : (تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب) . وقال الرسول لعمر إذ نهى النساء عن البكاء:(دعهن يا عمر، فإن النفس مصابة، والعين دامعة، والعهد قريب) . ونهى عن النياحة، ولعن النائحة والمُشِقَّة، وهى عن شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعوى الجاهلية. وفى حديث أسامة، وأنس فى هذا الباب جواز البكاء الخفيف بدمع العين، قال الشافعى: أرخص فى البكاء بلا ندبة، ولا نياحة، وما ذهبت إليه عائشة أشبه بدلائل الكتاب، وما زيد فى عذاب الكافر باستحقاقه لا بذنب غيره، لأنه إذا بُكى عليه بذكر فتكاته وغاراته فهو مستحق للعذاب بذلك، وأهله يَعُدُّون ذلك من فضائله وهو يعذب من أجلها، فإنما يعذب بفعله لا ببكاء أهله، هذا معنى قول عائشة: إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه، وهو موافق لقوله تعالى:(ولا تزر وازرة وزر أخرى (وتصويب الشافعى لقول عائشة، وإنكارها على ابن عمر يشبه أن يكون مذهب مالك، لدلالة ما فى موطئه عليه لأنه ذكر حديث عائشة، ولم يذكر خلافه عن أحد. وقوله: (ونفسه تقعقع) القعقعة: حكاية أصوات الرعد والجلود اليابسة وما أشبه ذلك، ورجل قعقاع وقعقعان، وهو الذى يسمع لمفاصل رجليه تقعقعًا، عن صاحب (العين) ، والشن: القربة