وكانت اللطمة مباحة عند موسى إذا رأى شخصًا فى صورة آدمى قد دخل عنده لا يعلم أنه ملك الموت، وقد أباح الرسول فقء عين الناظر فى دار المسلم بغير إذن، رواه بشير ابن نهيك، عن أبى هريرة أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، قال:(من اطلع فى دار قوم بغير إذن، ففقأ عينه فلا دية ولا قصاص) . ومحال أن يعلم موسى أنه ملك الموت ويفقأ عينه، وكذلك لا ينظره إلا بعلمه. وقد جاءت الملائكةُ خليل الله إبراهيم ولم يعرفهم فى الابتداء حتى أعلموه أنهم رسل ربهم، قال تعالى:(ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلامًا قال سلام (إلى) خيفة) [هود: ٦٩، ٧٠] ولو علم إبراهيم فى الابتداء أنهم ملائكة الله لكان من المحال أن يقدم إليهم عجلاً، لأن الملائكة لا تطعم، فلما وجس منهم خيفة، قالوا: لا تخف إنا أُرسلنا إلى قوم لوط، وقد أخبر الله أن رسله جاءت لوطًا فسيئ بهم وضاق بهم ذرعًا، ومحال أن يعلم فى الابتداء أنهم رسل الله ويضيق بهم ذرعًا، أو يسيئ بهم. وقد جاء الملك إلى مريم فلم تعرفه، واستعاذت منه، ولو علمت مريم فى الابتداء أنه ملك جاء يبشرها بغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويكون نبيًا ما استعاذت منه. وقد دخل الملكان على داود فى شبه آدميين يختصمان عنده ولم يعرفهما وإنما بعثهما الله ليتعظ بدعوى أحدهما على صاحبه، ويعلم أن الذى فعله لم يكن صوابًا فتاب إلى الله وندم، قال تعالى:(وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعًا)[ص: ٢٤] ، فكيف يُستنكر ألا يعرف موسى ملك الموت حين دخل عليه. وقد جاء جبريلُ النبى (صلى الله عليه وسلم) وسأله عن الإيمان والإسلام فى صورة لم يعرفه النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، ولا أحد من أصحابه، فلما