للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب: أن الله قد بيَّن عذره فى ذلك، فقال: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه) [التوبة: ١١٤] ، فدعا له وهو يرجو إجابته ورجوعه إلى الإيمان) فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه) [التوبة: ١١٤] . ففى هذا من الفقه: أنه جائز أن يُدعى لكل من يرجى من الكفار إنابته بالهداية ما دام حيا، لأن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، لما شَمَّتَهُ أحد المنافقين واليهود قال: (يهديكم الله ويصلح بالكم) ، وقد يعمل الرجل بعمل أهل النار، ويختم له بعمل أهل الجنة. وفيه: تصحيح القول بدليل الخطاب، لاستعمال الرسول له، ذلك أن إخبار الله أنه لا يغفر له ولو استغفر له سبعين مرة، يحتمل أنه لو زاد على السبعين أنه يغفر له لكن لما شهد الله أنه كافر بقوله: (ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله) [التوبة: ٨٠] دلت هذه الآية على تغليب أحد الاحتمالين، وهو أنه لا يغفر له لكفره، فلذلك أمسك (صلى الله عليه وسلم) عن الدعاء له. قال الطبرى: وفيه الإبانة عن نهى الله ورسوله عن الصلاة على المنافقين، لاعتقادهم وإن كانوا يظهرون الإسلام اعتصامًا به وحقنًا لدمائهم، فأما القيام على قبورهم فغير محرم على غير رسول الله، بل جائز لوليِّه القيام عليه لإصلاحه ودفنه، وبذلك صح الخبر عن الرسول، وعمل به أهل العلم بعده، فدل ذلك أن القيام على قبره كان مخصوصًا بتحريمه رسول الله. والدليل على صحة ذلك ما حدثنا إسماعيل بن موسى، حدثنا شريك بن عبد الله، عن أبى إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن علىّ، قال: لما مات أبو طالب أتيت النبى، فقلت له: إن عمك

<<  <  ج: ص:  >  >>