شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِىُّ، (صلى الله عليه وسلم) ، عَلَيْنَا، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ:(مَنِ ابْتُلِىَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَىْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ) . قال المؤلف: قوله: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) حض على الصدقة بالقليل، وقد تصدقت عائشة بتمرة، وتصدقت بحبة عنب، وقالت: كم فيها من مثاقيل الذر. ومثله قوله (صلى الله عليه وسلم) لأبى تميمة الهجيمى: (لا تحقرن شيئًا من المعروف ولو أن تضع من دلوك فى إناء المستقى) . وفى حديث أبى مسعود ما كان عليه السلف من التواضع، والحرص على الخير واستعمالهم أنفسهم فى المهن والخدمة رغبةً منهم فى الوقوف عند حدود الله، والاقتداء بكتابه، وكانوا لا يتعلمون شيئًا من القرآن إلا للعمل به، فكانوا يحملون على ظهورهم للناس ويتصدقون بالثمن لعدم المال عندهم حينئذ، وقوله:(نحامل) يعنى نحمل لغيرنا، ونحامل وزنه، تفاعل، والمفاعلة لا تكون إلا من اثنين كالمبايعة والمعاملة، ألا ترى أنه حين نزلت) يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة) [المجادلة: ١٢] شق عليهم العمل بها، فنسخت عنهم بقوله:(فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)[المجادلة: ١٣] . وقال على بن أبى طالب: إن فى كتاب الله آية ما عمل بها أحد قبلى، ولا يعمل بها أحد بعدى، كان لى دينار فصرفته، فكنت إذا ناجيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تصدقت بدرهم حتى نفذ، ثم نسخت.