عند كافة العلماء أن صدقة السر فى التطوع أفضل من العلانية، وتأولوا قوله، (صلى الله عليه وسلم) : (فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) . أن المراد بذلك صدقة التطوع، وروى عن ابن عباس فى قوله:(إن تبدوا الصدقات فنعما هى)[البقرة: ٢٧١] الآية. قال: جعل الله تعالى صدقة التطوع فى السرِّ تفضل علانيتها بسبعين ضعفًا، وجعل صدقة الفرض علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفًا، وكذلك جميع الفرائض، والنوافل فى الأشياء كلها. وقال سفيان:(إن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم (قال: سوى الزكاة، وهذا قول كالإجماع. وقوله: (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) مثل ضربه فى المبالغة بالاستتار بالصدقة، لقرب الشمال من اليمين، وإنما أراد بذلك أن لو قدر أن لا يعلم من يكون عن شماله من الناس ما تتصدق به يمينه لشدة استتاره، وهذا على المجاز كقوله تعالى:(واسأل القرية)[يوسف: ٨٢] لأن الشمال لا توصف بالعلم. وقوله تعالى:(والله بما تعملون خبير)[البقرة: ٢٧١] أى والله بما تعملون فى صدقاتكم من إخفائها وإعلانها، وفى غير ذلك من أموركم ذو خبرة وعلم لا يخفى عليه شىء منه، فهو محيط به مُحْصٍ له على أهله حتى يوفيهم جزاء قليله وكثيره.