وإن كان بعد موته فقد وضعها أبو بكر بحضرة الصحابة فى مواضعها مع علمهم أن الثياب لا تجب فى الزكاة، فصار ذلك إقرارًا منهم على جواز أخذ القيم، فتحصل للمسألة اتفاق بين الصحابة، قالوا: وكذلك أمره (صلى الله عليه وسلم) بإخراج بنت لبون، عن بنت مخاض، ويزيد المصدق عشرين درهمًا أو شاتين، وهذا على طريق القيمة، قالوا: وإذا جاز أن يخرج عن خمس من الإبل شاة وهو من غير الجنس، جاز أن يخرج دينارًا عن الشاة. واحتجوا بما روى عن عمر بن الخطاب، أنه كان يأخذ العروض فى الزكاة ويجعلها فى صنف واحد من الناس، ذكره عبد الرزاق، عن الثورى، عن ليث، عن رجل حدثه عن عمر، ولهذا المذهب احتج البخارى، على كثرة مخالفته لأبى حنيفة، لكن اتباع الأحاديث قاده إلى موافقته. وقول البخارى: فجعلت المرأة تلقى خرصها وسخابها فلم يخص الذهب والفضة من العروض. وموضع الحجة منه أن السخاب ليست من فضة ولا ذهب. قال ابن دريد: السخاب: قلادة من قرنفل أو غيره، والجمع: سُخُب. ومن حلى النساء: الوَقْف، وهو من عاج وذَبْل، ما لم يكن من فضة ولا ذهب، فهو من العروض. فأراد البخارى أنه (صلى الله عليه وسلم) أخذ ذلك كله، وسيأتى شىء من هذا المعنى فى باب من بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده. واحتج المخالفون لهذا المذهب بأن قالوا: حديث معاذ خاص له لحاجة علمها بالمدينة، رأى أن المصلحة فى ذلك، وقامت الدلالة على أن غيره لا يجوز له أخذها، قالوا: وكذلك أخذ عمر العروض