عبيدة من أخذ الزكاة منهم دليل واضح أنه لا زكاة فيها، ولو كانت واجبة ما امتنعًا من أخذ مال أوجبه الله تعالى لأهله ووضعه فيهم. وروى معمر عن أبى إسحاق أنه قال: لما ألحوا على أبى عبيدة وألح أبو عبيدة على عمر، قال: هذا شىء لم يفعله اللذان كانا قبلى، ولكن انتظروا حتى أشاور المسلمين، فشاور عمر الصحابة فى ذلك، فقال له على بن أبى طالب: لا بأس بذلك إن لم تصر بعدك جزية يؤخذون بها، فأخذها لبذلهم لها، وطوعهم بها، لا بوجوبها عليهم. قال الطحاوى: فدل هذا الحديث أن ما أخذ عمر منهم لم يكن زكاة، ألا ترى قوله: إن للذين كانا قبلى، يعنى رسول الله، وأبا بكر، لم يأخذا من الخيل صدقة، ولم ينكر على عمر ما قال من ذلك أحد من أصحاب النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، ودل قول علىّ لعمر: لا بأس بذلك إن لم تصر بعدك جزية يؤخذون بها، أن عمر إنما أخذ ذلك لسؤالهم إياه، وأن لهم منع ذلك متى أحبوا، ثم سلك عمر بالعبيد فى ذلك مسلك الخيل، ولم يدل ذلك أن العبيد الذين لغير التجارة يجب فيهم الصدقة، وإنما كان ذلك على التبرع من مواليهم بإعطاء ذلك، والأمة مجمعة أنه لا زكاة فى العبيد غير زكاة الفطر إذا كانوا للقِنْيَةِ، فإن كانوا للتجارة فالزكاة فى أثمانهم، ويلزم تقويمهم كسائر العروض التى للتجارة. وأما قوله (صلى الله عليه وسلم) : (ولم ينس حق الله فى ظهورها) ، فإنه يجوز أن يكون ذلك الحق حقًا سوى الزكاة، فإنه روى ذلك عن