للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله أعلم، أنه كان أخر عنه الصدقة عامين من أجل حاجة العباس، فإنه يجوز للإمام أن يؤخرها على وجه النظر، ثم يأخذها منه بعد، كما أخر عمر بن الخطاب صدقة عام الرمادة، فلما حَيىَ الناس فى العام المقبل أخذ منهم صدقة عامين. وأما الحديث الذى يروى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (إنا قد تعجلنا من العباس صدقة عامين) فهو عندى من هذا أيضًا، إنما تعجل منه أنه أوجبها عليه وضمنه إياها، ولو لم يقبضها منه، فكانت دينًا على العباس، ألا ترى قوله: (فإنها عليه، ومثلها معها) ، وقد روى حجية عن على أن العباس سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يعجل صدقته للمساكين قبل محلها، فأذن له. فيكون معنى قوله فهى عليه صدقة، أى فهى عليه واجبة (فأداها قبل محلها، ومثلها معها) أى قد أداها أيضًا لعام آخر، لأنه قد روى أنها كانت صدقة عامين، وهذا أيضًا معنى رواية من روى (فهى عليه) ، ولم يذكر (صدقة) . وروى عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرنى يزيد بن خالد، أن عمر بن الخطاب، قال للعباس لابّان الزكاة: وأد زكاة مالك، وكان الرسول، (صلى الله عليه وسلم) ، أمره بذلك، فقال: أديتها قبل ذلك. فذكر ذلك عمر للنبى (صلى الله عليه وسلم) ، فقال: (صدق قد أداها قبل) ، وروى ورقاء، عن أبى الزناد: (فهى علىَّ) فالمعنى أنه (صلى الله عليه وسلم) أراد أن يؤديها عنه برًا به، لقوله فى الحديث: (أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>