وقال آخرون: بل كان ذلك منه (صلى الله عليه وسلم) فى رجل بعينه كذب عليه فى حياته، وادَّعى عند قوم أنه بعثه إليهم ليحكم فى أموالهم ودمائهم. فأمر (صلى الله عليه وسلم) بقتله إن وجد، أو بإحراقه إن وُجِد ميتًا. وقال آخرون: ذلك عام فيمن تعمد عليه كذبًا فى دين أو دنيا، واحتجوا بتهيب الزبير، وأنس كثرة الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وبقول عمر: أقلوا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا شريككم. وقالوا: لو كان ذلك فى شخص بعينه لم يكن لاتقائهم ما اتقوا من ذلك، ولا لحذرهم ما حذروا من الزلل فى الرواية والخطأ وجه مفهوم، والصواب فى ذلك أن قوله على العموم فى كل من تعمد عليه كذبًا فى دين أو دنيا، لأنه (صلى الله عليه وسلم) كان ينهى عن معانى الكذب كلها إلا ما رخَّص فيه من كذب الرجل لامرأته، وكذلك فى الحرب، والإصلاح بين الناس، وإذا كان الكذب لا يصلح فى شىءٍ إلا فى هذه الثلاث، فالكذب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أجدر ألا يصلح فى دين ولا دنيا، إذْ الكذب عليه ليس كالكذب على غيره. وأن الدعاء الذى دعا على من كذب عليه لأحق بمن كذب عليه فى كل شىء. وقال الشيخ أبو الحسن بن القابسى: من أجل حديث على، وحديث الزبير هاب من سمع الحديث أن يحدث الناس بما سمع،