إذا أنفق فى طاعة الله، وفيه: بيان أن لا يسأله الإنسان شيئًا إلا عند الحاجة والضرورة، لأنه إذا كانت يده سفلى مع إباحة المسألة فهو أحرى أن يمتنع من ذلك عند غير الضرورة. وفيه من الفقه: أن من كان له عند أحد حق من تعامل أو غيره، فإنه يجبر على أخذه إذا أبى، فإن كان مما لا يستحقه أن لا يبسط اليد إليه، فلا يجبر على أخذه خلاف قول مالك، وإنما أشهد عمر على إباء حكيم، لأنه خشى سوء التأويل عليه، فأراد أن يبرئ ساحته بالإشهاد عليه. وفيه: أنه لا يستحق أخذ شىء من بيت المال إلا بعد أن يعطيه الإمام إياه، وأما قبل ذلك فليس ذلك مستحق له، ولو كان ذلك مستحقًا لقضى على حكيم بأخذه، وعلى ذلك يدل نص القرآن قال تعالى، حين ذكر قسم الصدقات وفى أى الأصناف تقسم:(كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)[الحشر: ٧] ، فإنما هو لمن أوتيه لا لغيره، وإنما قال العلماء فى أسباب الحقوق فى بيت المال تشددًا على غير المَرْضِىّ من السلاطين ليغلقوا باب الامتداد منهم إلى أموال المسلمين، والتسبب إليها بالباطل، ويدل على ذلك فتيا مالك فيمن سرق من بيت المال أنه يقطع، ومن ربَّ الجارية من الفىء أنه يحد، ولو استحقه فى بيت المال أو فى الفىء شيئًا على الحقيقة قبل إعطاء السلطان له ذلك لكانت شبهة يدرأ عنه الحد بها، وجمهور الأمة على أن للمسلمين حق فى بيت المال والفىء، ويقسمه الإمام على اجتهاده، وسيأتى ذلك فى كتاب الجهاد، إن شاء الله.