للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى سبيل الله) [البقرة: ٢٧٣] ودليل قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب خير له من أن يسأله الناس) بيان ما روى عنه (صلى الله عليه وسلم) من قوله: (لا تحل الصدقة لذى مرة سوى) أن معناه الخصوص؛ لأن قوله تعالى: (للفقراء الذين أحصروا فى سبيل الله لا يستطيعون ضربًا فى الأرض (يدل أنه لو زال عنهم الإحصار لقدروا على الضرب فى الأرض، ودل ذلك على أنهم ذو مرة أقوياء، وقد أباح لهم تعالى أخذ الصدقة بالفقر خاصة، وكذلك قوله: (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب) يدل على هذا المعنى؛ لأنه لا يقدر على ذلك إلا ذو المرة السوى، ولم تحرم عليه المسألة. قال الطحاوى: وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا تحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة سوى) رواه سفيان عن سعد بن إبراهيم، عن ريحان بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبى (صلى الله عليه وسلم) ، ورواه أبو بكر ابن عياش، عن أبى حصين، عن سالم بن أبى الجعد، عن أبى هريرة، عن النبى (صلى الله عليه وسلم) ، فذهب قوم إلى الأخذ بهذا الحديث، وقالوا: لا تحل الصدقة لذى مرة سوى، وجعلوه كالغنى. هذا قول الشافعى، وإسحاق، وأبى ثور، وأبى عبيد، ذكره ابن المنذر، وذكر ابن القصار أنه قول عبد الله بن عمرو، راوى الحديث عن النبى (صلى الله عليه وسلم) . وخالفهم آخرون فقالوا: كل فقير من قوى وزَمِنٍ فالصدقة له حلال، وتأولوا قوله: (لا تحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة سوى) لأن معناه الخصوص، هذا قول الطبرى، قال: إنه لا خلاف بين جميع علماء الأمة أن الصدقة المحرمة التى يكون أصلها محبوسًا

<<  <  ج: ص:  >  >>