كان الأطفال ممن إذا نهوا انتهوا، وفيه: أنه ينبغى أن يجنب الأطفال ما يجنب الكبار من المحرمات، وفيه: أن الأطفال إذا نهوا عن الشىء يجب أن يعرفوا لأى شىء نهوا عنه، ليكبروا على العلم ليأتى عليهم وقت التكليف وهم على علم من الشريعة. وقال الطبرى: وفيه الدليل على أن لأولياء الصغار المعاتبة وتجنيبهم التقدم على ما يجب على الأصحاء البالغين الانزجار عنه، والحول بينهم وبين ما حرم الله على عباده فعله، وذلك أن النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، استخرج التمرة من الصدقة من فىّ الحسن، وهو طفل لا تلزمه الفرائض، ولم تجر عليه الأقلام، ولا شك أنه لو أكل تمر جميع الصدقات لم تلزمه تبعة عند الله، وإن لزم ماله غرمه، فلم يخله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأكل لا من أجل ما كان يلزمه من ضمن ذلك، ولكن من أجل أنه كان مما حرم الله على أهل التكليف من أهل بيته، فبان بذلك أن الواجب على ولى الطفل والمعتوه إن رآه قد تناول خمرًا يشربها، أو لحم خنزير يأكله، أو مالاً لغيره ليتلفه أن يمنعه من فعله، ويحول بينه وبين ذلك. وفيه: الدليل الواضح على صحة قول القائلين أن على ولى الصغيرة المتوفى عنها زوجها أن يجنبها الطيب والزينة والمبيت عن المسكن الذى تسكنه والنكاح، وجميع ما يجب على البوالغ المعتدات اجتنابه، وخطأ قول من قال: ليس ذلك على الصغيرة اعتلالاً منهم أنها غير متعبدة بشىء من الفرائض، لأن الحسن كان لا تلزمه الفرائض، فلم يكن لإخراج التمرة من فيه معنى إلا من أجل ما كان على النبى من منعه ما على المكلفين الامتناع منه من أجل أنه وليّه.