للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجمعوا أن من تصدق بصدقة ثم ورثها أنه حلال له، وروى سفيان، عن عبد الله ابن عطاء، عن ابن بريدة، عن أبيه، أن امرأة جاءت إلى النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، فقالت: يا رسول الله، إنى تصدقت على أمى بجارية وإنها ماتت، قال: (وجب أجرك، ورَدَّها عليك الميراث) ، فإن قيل: فلم كرهتم شراءه إياها؟ . قيل: لئلا يحابيه الذى تصدق عليه بها فيصير عائدًا فى بعض صدقته، لأن العادة أن الذى تصدق عليه بها يسامحه إذا باعها، وقد أخبر النبى، (صلى الله عليه وسلم) ، فى لحم بريرة أنه إذا كانت الجهة التى يأخذ بها الإنسان غير جهة الصدقة جاز ذلك، ومن ملكها بماله لم يأخذها من جهة الصدقة، فدل هذا المعنى أن النهى فى حديث عمر فى الفرس محمول على وجه التنزه لا على التحريم، لأن المتصدق عليه بالفرس لما ملك بيعه من سائر الأجانب، وجب أن يملكه من المتصدق عليه، دليله إن وهب له جاز أن يشتريه الواهب. وقال الطبرى: معنى حديث عمر فى النهى عن شراء صدقة التطوع خاصة، لأنه لا صدقة فى الخيل، فيقال: إن الفرس الذى تصدق به عمر كان من الصدقة الواجبة، وصح أنه لم يكن حبيسًا لأنه لو كان حبيسًا لم يكن ليباع، فعلم أنه كان مما تطوع به عمر. قال غير الطبرى: ولا يكون الحبس إلا لينفق عليه المحبس من ماله، وإذا خرج خارج إلى العدو دفعه إليه مع نفقته، على أن يغزو به ويصرفه إليه، فيكون موقوفًا على مثل ذلك، فهذا لا يجوز بيعه بإجماع، وأما إذا جعله فى سبيل الله وملكه الذى دفعه إليه، فهذا يجوز بيعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>