للزكاة فى البلد الذى تؤخذ فيه لم تنقل عنه إلى بلد آخر، وذكر ابن المواز، عن مالك لو أن رجلاً بالشام أنفذ زكاته إلى المدينة كان صوابًا، ولو أنفذها إلى العراق لم أر به بأسًا، وقال أبو حنيفة: يجوز نقلها إلى بلد آخر مع وجود الفقراء فى البلد الذى تؤخذ فيه، وإن كنا نكرهه، واحتج الشافعى بحديث معاذ حين بعث إلى اليمن فأمره أن يأخذ الزكاة من أغنيائهم فيردها فى فقرائهم، فأخبر أنها ترد فى فقراء اليمن إذا أخذت من أغنيائهم. واحتج من أجاز نقلها إلى بلد آخر بما روى عن معاذ أنه قال لأهل اليمن: ائتونى بعرض ثياب خميس، أو لبيس فى الصدقة، فإنها أنفع لأهل المدينة، فأعلمهم أنه ينقلها إلى المدينة، وكان عدى بن حاتم ينقل صدقة قومه إلى أبى بكر بالمدينة، فلم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة. وقوله:(واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) . فيه: أن للإمام أن يعظ من ولاه النظر فى أمور رعيته، ويأمره بالعدل بينهم، ويخوفه عاقبة الظلم، ويحذره وباله، قال الله تعالى: (ألا لعنة الله على الظالمين (ولعنة الله الإبعاد من رحمته. والظلم محرم فى كل أمة، وقد جاء فى الحديث: أن دعوة المظلوم لا ترد وإن كانت من كافر، ومعنى ذلك أن الله تعالى لا يرض ظلم الكافر كما لا يرضى ظلم المؤمن، وأخبر تعالى أنه لا يظلم الناس شيئًا، فدخل فى عموم هذا اللفظ جميع الناس من مؤمن وكافر.