ولا يجزئ مما ذكر فى الحديث إلا صاع، وهو قول أبى حنيفة، والثورى. قال ابن المنذر: وروى عن أبى بكر وعثمان، ولا يثبت عنهما، وروى عن على بن أبى طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وجابر، وأبى هريرة، وابن الزبير، ومعاوية، وأسماء واختلف عن على، وابن عباس، فروى عنهما القولان جميعًا واحتج الكوفيون بقول ابن عمر: فعدل الناس بالتمر والشعير نصف صاع من بر، والناس فى ذلك الزمان كبار الصحابة. وحجة من أوجب صاعًا من بر حديث أبى سعيد، وأنه ذكر فيه صاعًا من طعام وصاعًا من سائر الحبوب، ولم يفصل بين واحد منهما فى المكيلة، فوجب أن لا يتعدى هذا المقدار. قال أشهب: سمعت مالكًا سئل عمن يقول: مدين من بُرّ، فقال: القول ما قال رسول الله: (صاع) ، فذكر له الأحاديث التى تروى عن رسول الله فى المدين من الحنطة فأنكرها. قال ابن القصار: وأيضًا فإن اعتبار القيمة لا وجه له، وذلك أن قيمة التمر والشعير تختلف، ثم لم ينظر إلى ذلك واعتبرت المكيلة ومقدارها، فكذلك البر، وعندنا أن البر والشعير جنس واحد فى تحريم التفاضل بينهما، وجمعهما فى الزكاة لتقاربهما فى المنفعة، ولكونهما قوتًا يستغنى به الفقير عن قوت يومه، فلا ينبغى أن يفترق حكمهما. قال ابن القاسم: ويخرج أهل كل بلد من جل عيشهم، فالتمر عيش أهل المدينة، ولا يخرج أهل مصر إلا البر، إلا أن يغلو سعرهم،