وقال المؤلف: قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ)[البقرة: ١٨٣] ، أى فرض عليكم كما فرض على الذين من قبلكم، والكتاب فى اللغة بمعنى الوجوب والفرض، قال الله تعالى:(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ)[البقرة: ١٧٨] بمعنى فر ض، وقال ابن عباس فى هذه الآية: كان كتاب الصيام على أصحاب محمد، أن الرجل كان يأكل ويشرب وينكح ما بينه وبين أن يصلى العتمة أو يرقد، فإذا صلى العتمة أو رقد، منع من ذلك إلى مثلها من القابلة، فنسختها هذه الآية:(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ)[البقرة: ١٨٧] الآية. وروى: أن صرمة بن مالك كان شيخًا كبيرًا جاء إلى أهله وهو صائم، فدعا بعشائه، فقالوا: امهل حتى نجعل لك طعامًا سَخنًا تفطر عليه، فوضع الشيخ رأسه فنام، فجاءوا بطعامه، فقال: قد كنت نمت، فلم يطعم، فبات ليلته يتسلق ظهرًا لبطن، فلما أصبح أتى النبى، عليه السلام، فنزلت هذه الآية:(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ)[البقرة: ١٨٧] الآية. وجاء عمر بن الخطاب فأراد أهله، فقالت: إنها قد كانت نامت، فظن أنها اعتلت عليه، فواقعها، وفعل مثل ذلك كعب بن مالك، فذكر ذلك للنبى، عليه السلام، فنزلت:(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ (، إلى قوله: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ)[البقرة: ١٨٧] ، وقد تقدم الكلام فى قوله: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، وقوله عليه السلام:(أفلح إن تصدق) ، فى كتاب الإيمان، فأغنى عن إعادته هاهنا.