سواهما قد يكونان تسعًا وعشرين، وقد يكونان ثلاثين، فثبت بذلك أن معنى قوله:(شهرا عيد لا ينقصان) ، ليس على نقصان العدد، ولكنه على نقصان الأحكام، والوجه عندنا أنهما لا ينقصان، وإن كانا تسعًا وعشرين فهما شهران كاملان، لأن فى أحدهما الصيام، وفى الآخر الحج، والأحكام فى ذلك متكاملة غير ناقصة، ويدل على ذلك قوله عليه السلام:(من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) ، فمن صامه ناقصًا أو تاما كان أجره واحدًا. قال المؤلف: فإن قال قائل: إن كان أراد بقوله عليه السلام: (لا ينقصان) : من الأجر والحكم وإن كانا ناقصين فى العدد، فإنا نجد رمضان يصام كله، فيكون مرة تاما ومرة ناقصًا، ونقصانه فى آخره، وذو الحجة إنما يقع الحج فى العشر الأول منه، فلا حرج على أحد فى نقصانه ولا تمامه، لأن العبادة منه فى أوله خاصة. قيل: قد يكون فى أيام الحج من النقصان والإغماء مثل ما يكون فى آخر رمضان، وذلك أنه قد يغمى هلال ذى القعدة ويقع فيه غلط بزيادة يوم أو نقصان يوم، فإذا كان ذلك، وقع وقوف الناس بعرفة مرة اليوم الثامن من ذى الحجة، ومرة اليوم العاشر منه، وقد اختلف العلماء فى ذلك، فقالت طائفة: من وقف بعرفة بخطأ شامل لجميع أهل الموقف فى يوم قبل يوم عرفة أو بعده أنه مجزئ عنه، لأنهما لا ينقصان عند الله من أجر المتعبدين بالاجتهاد، كما لا ينقص أجر رمضان الناقص، وهو قول عطاء، والحسن، وأبى حنيفة، والشافعى. واحتج أصحاب الشافعى على جواز ذلك بصيام من التبست عليه الشهور أنه جائز أن يقع صيامه قبل رمضان أو بعده، قالوا: كما